جديد الموقع
recent

استعمال أدوية منع الحيض


استعمال أدوية منع الحيض والحمل
التمهيد: الحيض له أحكامه الخاصة، فالحائض مثلاً لا تصلي ولا تطوف بالبيت ، فلو رأت المرأة أن تستعمل الأدوية والطرق التي تمنع الحيض أو الحمل أو تنظمه لتتمكن من الصوم والطواف أو لغير ذلك فهل هذا جائز ؟.
1ـ استخدام الأدوية لمنع الحيض:
جاء في منار السبيل: ويجوز للرجل شرب دواء يمنع الجماع لأنه حق له ، وللأنثى شربه لحصول الحيض ولقطعه، لأنه الأصل حتى يرد التحريم ولم يرد. أ.هـ
وهذا الجواز مشروطٌ بعدم الضرر ، فقد سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز (رحمه الله) عن هذه المسألة فأجاب بقوله: لا حرج أن تأخذ المرأة حبوب منع الحيض تمنع الدورة الشهرية أيام رمضان حتى تصوم مع الناس وفي أيام الحج حتى تطوف مع الناس ولا تتعطل عن أعمال الحج، وإن وجد غير الحبوب شئ يمنع الدورة فلا بأس إذا لم يكن فيه محذور شرعاً ومضرة. أ. هـ
2ـ منع الحمل أو تنظيمه:
1- العزل وحكمه:
من الوسائل القديمة لمنع الحمل العزل وذلك بالإنزال خارج الفرج.
 وقد اختلف العلماء في حكم العزل عن الزوجة الحرة:
1- فقال الحنفية والمالكية: يجوز بلا كراهة.        2- وقال الظاهرية: هو محرم.        3- وقال الشافعية والحنابلة وقال به جمعٌ من الصحابة: يجوز مع الكراهة. وهذا إن لم تكن هناك حاجة وأما معها فيجوز بلا كراهة ، قال ابن قدامة (رحمه الله): إلا أن يكون في دار الحرب فتدعو الحاجة إلى الوطء فيطأ ويعزل.
أدلة القائلين بالجواز بلا كراهة:   حديث جابر بن عبدالله (رضي الله عنهما): كنا نعزل والقرآن ينزل متفقٌ عليه. وفي روايةٍ عند مسلم : قال سفيان: لو كان شيءٌ ينهى عنه لنهانا عنه القرآن. وفي لفظٍ آخر: فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فلم ينهنا. وعن جابر أن رجلاً سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: عندي جاريةٌ وأنا أعزل عنها ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : إن ذلك لن يمنع شيئاً أراده الله رواه مسلم.  ولحديث أبي سعيدٍ الخدري (رضي الله عنه) قال: أصبنا سبياً فكنا نعزل فسألنا النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال: أو إنكم تفعلون ؟ وقالها ثلاثاً ، مانسْمةٌ كائنةٌ إلى يوم القيامة إلا هي كائنة متفقٌ عليه. وعند مسلم: لا عليكم ألا تفعلوا.
ولحديث أسامة (رضي الله عنه) في الرجل الذي قال: إني أعزل عن امرأتي ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم تفعل ذلك ؟ فقال الرجل: أشفق على ولدها أو على أولادها ، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : لو كان ضاراً ضر فارس والروم  رواه مسلم.
وأما القائلون بالتحريم فاستدلوا بحديث جذامة بنت وهب أخت عكاشة وفيه: وسألوه عن العزل فقال: ذلك الوأد الخفي. رواه مسلم.
وأما القائلون بالجواز مع الكراهة فقالوا بذلك جمعاً بين الأدلة ومما يدل على الكراهة سؤال النبي عن سبب الفعل كما في حديث أسامة وبيانه أن ذلك لا يمنع شيئاً أراده الله. وأجابوا عن حديث جذامة بأنه معارضٌ بحديث أبي سعيد الخدري لما قيل للنبي (صلى الله عليه وسلم) أن اليهود تسمي العزل : الموؤدة الصغرى فقال: كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه رواه أبو داود ، ورواه الترمذي من حديث جابر ، والبيهقي من حديث أبي هريرة (رضي الله عنه).
2- وسائل منع الحمل: من الوسائل القديمة العزل كما سبق ، ومما استجد استخدام حبوب منع الحمل ، أو أن يوضع بالرحم ما يمنع وصول الحيوان المنوي إلى البويضة وهو ما يسمى باللولب وغير ذلك.
3- حكم استخدام وسائل منع الحمل أو تنظيمه:
أما منع الحمل وقطعه بالكلية فهذا لا يجوز ومما يدل على ذلك ما يلي:
1- ما علم من حث الشريعة على الإكثار من النسل والترغيب فيه.
2- نهي الرسول عن الاختصاء والتبتل ، فهذا وإن كان في حق الرجل فيقاس عليه المرأة. ومما ورد في ذلك حديث سعدٍ (رضي الله عنه) قال: لقد رد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على عثمان بن مظعون التبتل ولو أذن لاختصينا رواه النسائي والترمذي وقال: حسنٌ صحيح.
وأما تنظيم الحمل فيجوز عند الحاجة قياساً على العزل قال الزرقاني (رحمه الله): ومثل العزل أن يجعل في الرحم خرقةً ونحوها مما يمنع وصول الماء للرحم . وقال الصنعاني (رحمه الله): معالجة المرأة لإسقاط النطفة قبل نفخ الروح متفرعٌ جوازه وعدمه على الخلاف في العزل ، ومن أجازه أجاز المعالجة ، ومن حرمه حرم هذا بالأولى ، ويلحق بهذا تعاطي المرأة ما يقطح الحبل من أصله. وفي حاشية البجيرمي: وأما ما يبطيء الحبل ، ولا يقطعه من أصله فلا يحرم. وفي حاشية رد المحتار: وقال الزركشي: ويجوز لها سد فم رحمها ، كما تفعله النساء. وفي نهاية المحتاج: وقال الزركشي: وعلى القول بالمنع ، فلو فرق بين ما يمنع بالكلية ، وبين ما يمنع في وقتٍ دون وقتٍ لكان متجهاً.
وقال بعض العلماء: لها أن تستعمل ما يمنع الحمل مدة الحولين إن أرادت أن تتم الرضاعة ، والله أعلم.
وقد صدر من مجلس هيئة كبار العلماء قراراً جاء فيه:
نظراً إلى أن الشريعة الإسلامية ترغب في انتشار النسل وتكثيره، وتعتبر النسل نعمة كبرى، ومنِة عظيمة من الله منَّ الله بها على عباده فقد تضافرت في ذلك النصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله (t)… ونظراً إلى أن القول بتحديد النسل أو منع الحمل مصادم للفطرة الإنسانية التي فطر الله الخلق عليها  وللشريعة الإسلامية التي ارتضاها الرب تعالى لعباده. ونظراً إلى أن دعاة القول بتحديد النسل أو منع الحمل فئة تهدف بدعوتها إلى الكيد للمسلمين بصفة عامة، وللأمة العربية المسلمة بصفة خاصة حتى تكون لهم القدرة على استعمار البلاد واستعمار أهلها، وحيث أن في الأخذ بذلك ضرباً من أعمال الجاهلية وسوء الظن بالله تعالى، وإضعافاً للكيان الإسلامي المتكون من كثرة اللبنات البشرية وترابطها، لذلك كله فإن المجلس يقرر بأنه لا يجوز تحديد النسل مطلقاً، ولا يجوز منع الحمل إذا كان القصد من ذلك خشية الإملاق لأن الله تعالى هو الرازق ذو القوة المتين (وما من دابة في الأرض إلاّ على الله رزقها) أما إذا كان منع الحمل لضرورةٍ محققة ككون المرأة لا تلد ولادة عادية، وتضطر معها إلى إجراء عملية جراحية لإخراج الولد أو كان تأخيره لفترة لمصلحة يراها الزوجان فإنه لا مانع حينئذ من منع الحمل أو تأخيره عملاً بما جاء في الأحاديث الصحيحة وما روي عن جمع من الصحابة (رضوان الله عليهم) من جواز العزل، وتمشياً مع ما صرح به الفقهاء من جواز شرب الدواء لإلقاء النطفة قبل الأربعين بل قد يتعين منع الحمل في حالة ثبوت الضرورة المحققة. أ. هـ
وقد أصدر مجمع الفقه قراراً جاء فيه:
بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوع: تنظيم النسل، واستماعه للمناقشات التي دارت حوله وبناء على أن مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية الإنجاب والحفاظ على النوع الإنساني وأنه لا يجوز إهدار هذا المقصد لأن إهداره يتنافى مع نصوص الشريعة وتوجيهاتها الداعية إلى تكثير النسل والحفاظ عليه والعناية به باعتبار حفظ النسل أحد الكليات الخمسة التي جاء في الشرائع رعايتها قرر ما يلي:
1- لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب.
2- يحرم استئصال القدرة على الإنجاب بين الرجل أو المرأة وهو ما يعرف بالإعقام او التعقيم ما لم تدع إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية.
3- يجوز التحكم المؤقت للإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل، أو إيقافه لفترة معينة من الزمان إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض بشرط ألاّ يترتب على ذلك ضرر، وأن تكون الوسيلة مشروعة، وألاّ يكون فيها عدوان على حمل قائم والله أعلم. أ.هـ.
 وعلى أية حال فينبغي أن يقتصر استعمال حبوب منع الحمل على الضرورة والحاجة الملحة فقد ذكر الدكتور خالد الموسى في مجلة البيان تحت عنوان (حبوب منع الحمل ما لها وما عليها) ذكر بعض الآثار السيئة لها ومنها: انحباس الأملاح والسوائل ، وتخثر الدم ، والتهاب الأوردة ، وحدوث الخفقان واضطرابات القلب ، وتؤدي أيضاً إلى حدوث اضطراباتٍ نفسيةٍ وسلوكية.
 وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.




المراجع:
1- منار السبيل في شرح الدليل لإبن ضريان/ ط مكتبة المعارف. الجزء الأول، ص 92.
2- مجموع فتاوي سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز. ط دار الوطن. الجزء الخامس، القسم الأول، ص 110.
3- فتاوى هيئة كبار العلماء. ط مكتبة التراث الإسلامي.
4- مجلة مجمع الفقه الإسلامي. العدد (4) الجزء الأول، ص  73.
5- مجلة البحوث الإسلامية. 30/287، 291.
6- مجلة البيان 32/93.
7- تحديد النسل د/عبدالله بن عبدالمحسن الطريقي.
موقع بحوث شرعية

موقع بحوث شرعية

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.